الأسباب الوجيهة لفوز أرمين لاشيت برئاسة الحزب المسيحي الديمقراطي

In ألمانيا
ماهي الأسباب الوجيهة لفوز أرمين لاشيت برئاسة الحزب المسيحي الديمقراطي، الذي تنتمي إليه المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل؟
لقد سارت الأمور بشكل مختلف تمامًا في المؤتمر الأخير للحزب المسيحي الديمقراطي، الذي عقد عبر الأنترنت في يوم السبت الموافق 16.01.2021، فقد كان فريدريش ميرتس(65) هو المفضل لدى القاعدة الجماهيرية في الحزب لفترة طويلة، لما يحمله من خبرات استشارية في السياسة الاقتصادية والقانون وبصفته الرئيس السابق للكتلة البرلمانية للتحالف المسيحي، بينما بدا أرمين لاشيت (59) رئيس وزراء ولاية شمال الراين وكأنه الخاسر المؤكد منذ الوهلة الأولى عند رغبتة لترشح لقيادة هذا الحزب.
على العكس من ذلك بدا المرشح المفاجئ نوربرت روتجن (55) وزير البيئة الألماني الأسبق ورئيس لجنة الشئون الخارجية في البرلمان الألماني، الذي كان أول من ألقى قبعته في الحلبة في ربيع العام المنصرف، عندما أعلن عن رغبته في الترشح، هو المفضل لدى الجماهير العريضة من الناخبين، وخاصة الإناث، فقد كان حسب استطلاعات الرأي منذ شهور أحياناً متقدماً، وأحياناً خلف ميرتس، الذي حصل في ذلك الوقت على حوالي أربعين بالمائة من الموافقة كرئيس للحزب. لكن فجأة ما تقلص هذا التقدم في الجولة الأولى من هذا المؤتمر الرقمي بفارق صغير ولكن في النهاية وضع لاشيت نفسه بعيدًا عنهم وخاصة على منافسيه ميرتس بالأغلبية الأكثر وضوحاً من كرامب كارينباور في الانتخابات الأخيرة على رئاسة الحزب في عام 2018، والتي لم يتمكن ميرتس كذلك من التغلب عليها .
لكن سؤال يتبادر إلى أذهاننا جميعاً ، كيف انقلب هذا السباق خلال الأيام القليلة الأخيرة و ربما خلال الدقائق الأخيرة ؟ لم يكن خطاب لاشيت الذي قدم فيه مزيجاً من هيلموت كول ويوهانس راو وحده المغير لتوقعات هذا السباق، حتى ولو كان بالتأكيد أفضل ما لديه في هذا الماراثون الانتخابي، فلم يجعل الاثنين الآخرين شيئًا أسوأ بكثير. لكن من الواضح ما أفصح عنه وزير الصحة ينس شبان الرفيق والداعم للاشيت في جولة النقاش؛ التي أعقبت انتخاب رئاسة الحزب، ربما هو السر غير الخفي لهذا الفوز؛ حيث قال: “لقد تحدثنا جميعاً وكثيراً عبر الهاتف في هذه الأسابيع” .
وبالطبع فإن دغدغة أعضاء الحزب عن طريق الاتصال المباشر هي أفضل طريقة في كسب ثقتهم وهي طريقة كانت بمثابة المبدأ المفضل لدى المستشار الألماني الأسبق هلموت كول؛ مهندس الوحدة الألمانية، وأهم أدوات الديمقراطية التشاركية، وهذا دليل على أهمية التواصل النشط مع الناخبين و المؤيدين للاستمرار في نحاج الديمقراطية القوية والصحيحة برؤية مستقبلية تقوم على الثقة وتوطيدها بين أعضاء الحزب، وهي الرؤية التي تجعل القائد يصف الحاضر ويصوغ فكره نحو مستقبل أفضل مما يبعث الطمأنينة على المرؤوسين وتقوية عنصر الدفء وخاصة مع تدابير التباعد الاجتماعي . لذلك كان لاشيت متقدماً عليهم، رغم مدى جودة لعب روتجن على وسائل التواصل الاجتماعي، وبغض النظر عن عدد أصدقاء مرتس من رجال الاعمال. علماً أن المزاج كان مختلفاً جداً هذه المرة لتصريحات مرتس ذات مرة أن هناك همسات مؤامرة ضده بعرقلته ليكون رئيس للحزب وذلك من خلال تأجيل الانتخابات التي كانت مقرر انعقادها في المؤتمر الدوري للحزب في ديسمبر من عام 2020 إلى بداية هذا العام.
بنفس الوقت استطاع لاشيت استغلال الحالة المزاجية المعادية لميركل من قبل ميرتس وانتقادته لها وكسب محبيي ميركل من أعضاء الحزب إلى صفه، وخاصة عندما أظهرت ميركل الريادة في وباء كورونا ، وارتفعت استطلاعات الرأي في الاتحاد الديمقراطي المسيحي إلى مستويات لم يشهدها منذ فترة طويلة ، وتلاشى التعب بشأنها فجأة، وهذا ما قلل أيضاً من قيمة الورقة الرابحة التي لعبها ميرتس في خطاباته بمطالبته بالتجديد فى رئاسة الحزب مع قيادة محورية حديثه.
كما لو أنه لم يلاحظ ما حدث في هذه الأثناء، حيث أوصى ميرتس بنفسه كعلاج ضد ضعف ميركل، التي تعهدت بعدم الترشح مرة أخرى بعد أن أصبحت الزعيمة المهيمنة في أوروبا منذ توليها المنصب في عام 2005.
ثمة سؤال يطرح نفسه عن الرجال الثلاثة، الذين يعودون إلى منطقة شمال الراين ووستفاليا، هل سينجح هؤلاء في مهامهم المستقبلية في قيادة الحزب والفوز بمنصب المستشار الألماني؛ هذا ما نجيب عليه في المقال القادم.

قائمة الموبايل