بروفيسور خورشيد: هل تتناول من حين لأخر حلويات كوميبيرشن؟
نعم وضميري مرتاح. إنك تقصد بسؤالك هذا مادة الجيلاتين المأخوذة من عظام الخنازير.
كثير من المسلمين يعتبرون أكل الجيلاتين المأخوذة من عظام الخنازير من المحرمات.
هناك قاعدة شرعية مفادها أنه عندما تتغير طبيعة مادة ما بحيث يتعذر مقارنتها بالأصل فإن المادة الجديدة ليست مثل المادة الأصلية، وبالتالي لا ينطبق عليها نفس الحكم. المشكل في الأساس هو أن كثيرا من المسلمين لا يفقهون دينهم. بالإضافة إلى أن العديد من المسلمين يختزلون الإسلام في مجموعة من الأحكام الشرعية عوض التركيز على لب الإسلام كالصدق و العدالة.
على ما يبدو فإن الفقهاء شوكة في عينيك حيث أن في كتابك الأخير عن الشريعة تصف الفقهاء بأنهم آلهة لا ينبغي أن تكون.
لا أكن للفقهاء أي عداء. مشكلتي فقط أننا نحن المسلمين نأخذ كل ما يملونه علينا وكأنه وحي إلهي صالح لأي مكان وزمان وغير قابل للاستفسار والفحص في الوقت الذي لم يقوموا بشيء سوى تفسير القرآن حسب اجتهادهم. نحن الذين اتخذناهم آلهة.
ما السبب في وصول الأمر إلى هذا الحد؟
يسود العالم الإسلامي منذ القرن التاسع فكر مقيد. أصبحنا لا نستخدم المنطق كوسيلة لاستنباط الأحكام . وعند محاولة أحد المفكرين استخدام المنطق فإنه سرعان ما يتهم بالزندقة. منذ فجر الإسلام حاول القادة السياسيون إعطاء صورة نمطية عن الله لا يتماشى معها إلا الطاعة لترسيخ روح الخضوع.
إنك تقول في كتابك أن الشريعة تتعارض مع الإسلام. أليست الشريعة جزءا لا يتجزأ من الإسلام ويحكم حياة المسلمين إلى أدق التفاصيل؟
أريد أن أصحح هذه الصورة النمطية عن الشريعة. فقط عندما يفهم أن الشريعة يقصد بها الأحكام الجزائية فإنها تكون بذلك مناقضة للإسلام، حيث أن الفقهاء بتفسيراتهم هذه للقرآن يضعون أنفسهم بين الخالق والمخلوق، ويصبحون بذلك عائقا في العلاقة المباشرة بين العبد وربه. فعن واصبة بن معبد قال :رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أريد أن لا أدع شيئًا من البر والإثم إلا سألت عنه، فقال لي: ادن يا وابصة، فدنوت منه؛ حتى مست ركبتي ركبته، فقال لي: يا وابصة، أخبرك عما جئت تسأل عنه؟ قلت: يا رسول الله أخبرني، قال: جئت تسأل عن البر والإثم، قلت نعم، فجمع أصابعه الثلاث، فجعل ينكت بها في صدري، ويقول: يا وابصة، استفت قلبك، والبر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في القلب، وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك.
وما هو فهمك للشريعة؟
الشريعة معناها الطريق إلى الله وسبيل القلوب. الشريعة هي تبني مبادئ العدالة وتنقية النفس وليست مجرد قوانين فردية وتشريعات تافهة حيث أننا لا يمكن أن نختزل الله عز وجل في الإله القاضي.
ما رأي طلابك في هذه النظرة للشريعة؟
إن جيل الشباب من المسلمين يأخذون دينهم بمحمل الجد أكثر من جيل آبائهم. يتساءلون، يريدون أن يفهموا أمور دينهم. لذلك يوافقني العديد منهم آرائي. في هذه السنة فقط تقدم أكثر من 700 طالب بطلب الالتحاق بجامعة مونستر مع العلم أن الأماكن الشاغرة لا تتعدى 150 ولم تنته بعد فترة التسجيل. فالعدد مؤهل للارتفاع. في رأيي لا يوجد سوى عدد قليل ممن يصرون على الفهم القائم حاليا، أما الأغلبية فتعرف أني ماض في تطوير الإسلام.
هل تريد تخليص الإسلام من الفهم التقليدي للشريعة؟
لابد من التخلص من فكرة أن الله في الإسلام إله يبعث بالخوف وأنه سعيد فقط عندما أطبق حرفيا كل القوانين الدينية. 80 آية فقط من 6236 تتطرق للأحكام الشرعية والتي تفصل في الأمور الاجتماعية. الإسلام ليس دين قوانين.
وماذا عن القصاص والإرث في الإسلام؟
ما نطلق عليه اليوم التشريع الإسلامي ليس من عند الله وإنما اجتهاد فقهاء العصور السابقة بناءا على متطلبات عصرهم. حتى النصوص القرآنية التي تنص على قطع يد السارق وأن المرأة ترث نصف ما يرث الرجل يجب أن تقرأ في سياقها التاريخي. ليست هذه التدابير القضائية هي التي تحدد مفهوم الشريعة وإنما المبادئ والمقاصد من وراء ذلك كتطبيق العدالة الاجتماعية. فإذا فهمت الشريعة بهذه الطريقة فلا أرى هناك أي مشكلة في التوفيق بين الشريعة وحقوق الإنسان عندنا.
ولد البروفسور الدكتور مهند خورشيد من أبوين فلسطينيين لاجئين في بيروت عام 1971 . درس في كلية الإمام الأوزاعي للدراسات الإسلامية ببيروت . هاجرت الأسرة بعد ذلك إلى العربية السعودية. وبما أن الأجانب هناك لا يسمح لهم بولوج الجامعات اتجه الشاب مهند إلى النمسا قصد إكمال دراسته. هناك درس علم الاجتماع في جامعة فيينا. ومنذ عام 2010 يعمل البروفسور الدكتور مهند خورشيد في مركز اللاهوت الإسلامي في جامعة مونستر. في سنة 2011 أصبح منسقا لكلية الدراسات العليا في الفقه الإسلامي لمؤسسة ميركاتور، وكذلك رئيسا لمركز علم اللاهوت الإسلامي بجامعة مونستر، حيث يقوم بتكوين المدرسين الذين سيقومون مستقبلا بتدريس مادة التربية الإسلامية في المدارس الألمانية.