يسعى الإنسان فطريا نحو الكمال مستهلكا طرقا شتى في تحصيله. يطلب العلم و لو في الصين فيكون شعاره .. هل من مزيد….
يمتلئ الذهن بالعلوم التحصيلية و يبدع في ربط الصور و الحقائق المكتسبة مع بعضها البعض مكونا فكرا متكاملا و إيديولوجية صلبة لا يشوبها نقص ولا فطور.
و لكن من الذي يضع القواعد العامة و الأساسية في عملية الربط و الاستنتاج. من الذي يهذب الفكر و يجعله خاضعا لجهاز رقابي يمنعه من الخطأ في الوصول إلى الحقائق المطلقة. من هو الحاكم الأول والأخير في عملية تطويع العملية الإدراكية لقواعد و قوانين تعصم مراعاتها الذهن عن الخطأ في حركته نحو الكمال.
بقليل من التأمل نعرف أننا لا نستطيع أن نكون فكرا أو إيديولوجية متكاملة بدون إخضاعها لرقابة إما إلهية إذا اعتقدنا بوجود الإله و إما إنسانية إذا لم نعتقد.
فإذا كانت الرقابة إلهية فيجب أن أبحث عن منشأها و أطلب معرفتها و ماهيتها. و إذا كانت إنسانية فنتاجها إيديولوجية اختلقها الإنسان و ابتدعها فجعل منها إلها يعبد .
وهاذان طريقان في المعرفة يتبلور من خلالهما الفكر البشري فإما أن يسمو إلهيا أو أن يتطور و يترعرع في أحضان الإنسان فيتخذ كل فرد إلهه هواه.
المشكل في اختلاف الاستيعاب لحقائق الإسلام هو ليس الأفراد بحد ذاتهم و إنما هو عدم تطويع الفكر لعقل كمالي جمالي معصوم عن الخطأ يكون مرجعا و مصوبا و رادعا عند الضرورة .
إن من الضرورة حسب المنظور الديني و الفلسفي وجود عقل كامل جامع لكل الكمالات البشرية يشكل هدفا يسعى نحوه كل من طلب الكمال.
كل بحث عن هذا العقل فكان تعريفه مختلفا على مدى العصور و تحصيل ماهيته متفاوتا لدى الملل و النحل.
لا نريد الخوض في كون البعض على حق أم لا في نتائج بحثهم و لكن الواقع هو أنهم بحثوا عنه فوجدوه و عرفوه و قدسوه.
هذا العقل هو حقيقة وجودية يبحث عنها كل البشر . حقيقة هي منبع لقوانين و شرائع و قواعد يلزم من اتباعها تحصيل الكمال الذي يبتغيه كل فرد حسب تعريفه الخاص.
لذلك أعجب من إنسان عطل القوانين و أبطل الشرائع في فهمه لحقيقة الدين التي قامت على وجودها.
إن التشريع و القانون النابعين عن عقل كمالي هما زينة المجتمعات و سر تطورها و تحضرها.
الأستاذ محمد مصطفى عيسى