عندما يتعلم الأباء من الأبناء

In أسرة, ميندن
الأستاذ نورالدين بلوح

كيف وأين يتعرف الإنسان على الآخرين؟ الجواب بسيط: في الأسرة وليس في مكان آخر. بطبيعة الحال الأطفال يعيشون ويتعلمون بلا عناء من خلال محيطهم. وعن قوة الأسرة و ترابطها وضعت كاريتاس ميندن هذا المشروع وسمته ” تغيير المحيط المألوف ” إن فكرة هذا المشروع بسيطة جدا. وتتمثل في قضاء الأطفال ما بين ثمانية واثنا عشر عاما بعض الأوقات مع العائلة الألمانية المضيفة لتغيير محيطهم المألوف. خلال هذا الوقت يعيشون مع الأخ أو الأخت المضيفة، ويتم التعامل معهما كأحد أشقائهم، ويتعلمون منهم ويتبادلون المعلومات فيما بينهم، وتتكون خلالها صداقات جديدة ومتينة. هذا المشروع مبني على التعاطف والاهتمام بالآخر – ويستغني عن التهديد والتنبيه. كلهم متساوون حتى لو كانت هناك اختلافات وفوارق في الحياة الاجتماعية أو في التعليم. بدأ هذا المشروع في مارس عام 2015، وشارك فيه 29 طفلا من المدارس الابتدائية بمدينة ميندن.
ومنذ فبراير 2017، بدأت المرحلة الرابعة من المشروع في المدرسة الشاملة كورت توخولسكي. ويحضر 18 طفلا بعد ظهر يوم الخميس أوراش عمل تحوي مواضيع مثل: حقوق الطفل وأديان العالم، وتمثيل مسرحيات والتعرف على بعضهم البعض بشكل فكاهي. وهذا يتيح إيصال القضايا الصعبة مثل الهروب، والهجرة والتمييز، وأيضا التفاهم بين الثقافات وحل النزاعات بطريقة مناسبة تلائم أعمارهم. ومن أبرز ما قام به الأطفال هو ورشة عمل حول موضوع صناعة فيلم وكيفية التعامل مع وسائل الإعلام. وتحت إشراف طالب في مختبر وسائل الإعلام من جامعة بيليفلد، فقد سمح للأطفال باستعمال المعدات المهنية للتصوير مثل الكاميرات والإضاءة والصوت، وقد قام الأطفال بتصوير مشهد صغير من فيلم وتقطيعه معا على الكمبيوتر.
ويهدف هذا المشروع قبل كل شيء إلى تعرف الأسر على بعضهم البعض، خصوصا وأن أبناءهم سوف يلتحقون بأسر أخرى في وقت لاحق. كما أن هناك أيضا أشخاص من كاريتاس يقومون بفعاليات ونشاطات: رحلة بمركب شراعي التنين على نهر فيسر، ورشة عمل للمسرح أو الطهي معا. كما يحظى ركوب المركب الشراعي التنين دائما بالإعجاب. إذ عبرت مشاركة قائلة: ” نذهب جميعا في هذا القارب معا وجنبا إلى جنب في طريق واحد، يا له من رمز جميل. “. وأن نكون مشتركين في العمل، فهذا يساعد الأشخاص من جنسيات مختلفة على الانفتاح على الأجانب والاقتراب منهم .
كما أن الأسر من ثقافات مختلفة تربط علاقات سريعة مع أشخاص متطوعين في مساعدة الأسرة. وداخل هذه الأسر يتم التبادل الفعلي للتلاميذ، وهذا يبدأ بتناول وجبة طعام يوم الأحد عند العائلة المضيفة. كما يوضع أسبوع التبادل هذا وفق قدرات وقت الأسرة ورغبة الأطفال.
وبصفة عامة يمكن القول أن التلاميذ يقضون عدة أيام عند الأسرة المستضيفة لهم. وكانت التعليقات من المشاركين حتى الآن إيجابية دائما وهذا أمر أجمع عليه جميع المشاركين السابقين وشركائنا المتعاونين معنا، حيث قالوا إن هذا المشروع “تغيير المحيط المألوف” كانت تجربة مثيرة. حتى بالنسبة للأشخاص المتخصصين المرافقين لهذا المشروع ، كان أمرا رائعا كيف تم تطوير علاقات الصداقة بين مختلف الأسر وتقريب الكبار بعضهم بعض. كما عبرت العديد من الأسر عن رغبتها في ربط علاقات شخصية مع عائلات من ثقافات مختلفة، ولكنها كانت تنقصها الشجاعة أو فرصة يسيرة لذلك. وقد وجدت بالفعل كاريتاس ميندن وسيلة لتقريب الأشخاص من مختلف الثقافات بعضها البعض. وقد أصبح الأطفال رسل بين العالم – ويمكن للآباء أن يتعلموا منهم كيف تسير الأمور؟ كما أن الصداقة تتجاوز كل الحدود الثقافية.

 

Bild : Hellenbrand Beata

نقلا عن جريدة ميندن العربية

 

 

 

أضف تعليق:

بريدك الإلكتروني لن يتم نشره

قائمة الموبايل