هل صحيح أن المانيا فتحت أبوابها للاجئين للاستفادة منهم؟

In وجهة نظر

البعض من اخواننا اللاجئين السوريين مقتنع تمام الاقتناع أن الدولة الألمانية قد فتحت أبوابها للاجئين السوريين لرفد الاقتصاد بالموارد البشرية التي تناقصت بسبب إقلال الالمان من الإنجاب و لا علاقة للقيم و المبادئ الإنسانية بهذا التصرف بل هي السياسة و المصلحة الرأسمالية.

و المفارقة أنك لا تسمع هذا الكلام في الغالب من الأكادميين أو مِن مَن يشتغلون على تطوير أنفسهم و يسعون بكل الوسائل لتعلم اللغة الالمانية و البحث عن عمل نظامي بل تسمعه إما من شباب يقضون معظم نهارهم و ليلهم في التسكع في الشوارع أو من رب أسرة جُل همِّه تحصيل أكبر قدر ممكن من أموال الجوب سنتر و تراه في أمسية سمر و هو يدخن الأركيلة و يحدثك و هو يخرج الدخان من أنفه عن خطة أنجيلا ميركل الخبيثة لاستغلال السوريين و ابنائهم من بعدهم.

لا بد في البداية أن أعترف بمدى إغراء هذه الفكرة و حلاوة وقعها على النفس، فكما أن الجسد في حال حصول إصابة مؤلمة يبدئ بافراز مواد تقلل من حدة الألم كذلك النفس البشرية تفرز أفكار و تتبنى معتقدات من شأنها تخفيف الالم و تخدير وجع المصائب و الفواجع.
فما مدى صحة هذه النظرية على أرض الواقع؟

بالنظر إلى لغة الأرقام و بعيدا عن العنجهية و المنفخة و العنتريات نجد أن الواقع بعيدا تماما عن هذا المعتقد و لايؤيده على الاطلاق.

فقد تسبب فتح ابواب المانيا للاجئين بأعباء اقتصادية و اجتماعية و سياسية هائلة
فبحسب وزارة المالية الاتحادية الالمانية بلغت النفقات على اللاجئين عام 2016 وحده 21.7 مليار يورو و هو تقريبا ما يعادل ضعفي ميزانية سوريا قبل الحرب عام 2010 و التي بلغت 16.55 مليار دولار، واذا كانت هذه النفقات الضخمة هي لعام واحد فقط فكم من الزمن يحتاج اللاجئين و ابنائهم و كم جيل و اي انتاج يحتاجونه لتعويض هذه النفقات؟
اما الاعباء الخدمية فهي ايضا كبيرة فعلى الرغم من ان قسم لا بأس به من اللاجئين السوريين هم من حملة الشهادات و القادرين على العمل بالمقارنة مع اللاجئين من الجنسيات الاخرى الا ان هؤلاء ليسو بالعدد الكافي لسد العجز، فعلى سبيل المثال دخل حسب مكتب الاحصاء الالماني في عامي 2015 و 2016 أكثر من 500.000 لاجئ سوري كان بينهم 500 طبيب أي بمعدل طبيب واحد لكل 1.000 شخص بينما المعدل في ألمانيا هو طبيب واحد لكل 700 مواطن أي أن عدد الاطباء القادمين لا يمكنهم حتى تغطية من جاء من اللاجئين. أما في مجالات أخرى كالتعليم و الذي لا يتمكن اللاجئين من ممارسته لأسباب كثيرة فالعبئ أكبر بكثير.




أما من الناحية السياسية فقد تسبب دخول عدد هائل من المهاجرين بنشوء تيار كبير رافض لسياسة الدولة فيما يخص اللاجئين و اعطى أحزاب مثل الحزب البديل المعادي للمهاجرين قوة شعبية غير مسبوقة و تمثيل برلماني غير معهود.
اما اجتماعيا فجميع المهاجرين قادمون من ثقافات مختلفة تماما عن الثقافة الالمانية و الكثير منهم لا يتقبل هذه الثقافة و يرى فكرة الاندماج من كبائر المحرمات و هذا من شأنه أن يهدد بنية المجتمع الالماني و قد يتسبب بنشوء مجتمعات منغلقة داخل المجتمع الواحد مما قد يؤدي بدوره الى مشكلات اجتماعية مستعصية على الحل.

و للذين ما زالو مصرين على ان المانيا فتحت ابوابها لنا للإستفادة منا أوجه السؤال التالي: لماذا لم تفتح الدولة الالمانية ابواب الهجرة لحملة الشهادات السوريين قبل بدء الحرب السورية؟ الم يكن بوسعها ان تقدم تسهيلات كبيرة للجامعيين للقدوم اليها و بذلك تضمن دخول شريحة معينة من المهاجرين من شأنها ان تساهم في بناء و دعم الاقتصاد الالماني؟ و لماذا انتظرت ميركل الحرب في سوريا لتفتح أبواب بلادها للاجئين جزء كبير منهم يشكل أعباء جمة على الدولة؟

و بعد كل هذا الكلام اما آن لبعضنا ان يتخلى عن العنجهية الفارغة و تكبير الراس و أن يظهر و لو شيئ من الامتنان و الاعتراف بالجميل للدولة و الشعب في هذا البلد؟ اليس نحن من قال في الماضي من لم يشكر الناس لم يشكر الله؟

 

حرره تامر يوسف

الصورة: bykst-CC0 Public Domain-pixabay.com

أضف تعليق:

بريدك الإلكتروني لن يتم نشره

قائمة الموبايل